أيّها الشفق يا معلم اليقظة
يا قائد معركة النظال
جاءت الصحوة من نداء أم
وتفتّحت البيوت الشبيهة بالقبور
ونهض الإنسان من نوم عميق
سمعت نداء "قم" وقمت
قلت "قم" فقام الجميع
وأزيح الستار
عن رسم سلسلة الجبابرة
عن رسم العلوج الكفره
بعد هذه اليقظة لن يكون ليل أبداً
والليل لم يحتوِ قطّ يقظة كهذه
أيها الروح المضاد للنوم
يا روح تتعلق بأمل "الله" العادل
أنت السابق لجميع المناظلين
أنت سيد الميدان بالصمود
في عصر الوسوسة والتطبيع
عصر توافق قاتلي البشر
عصر تواطؤ المنهزمين
المرتشين وعلوج الليل
في أحلك ليالي التاريخ
أنت مشرق العالم بأجمعه
ولا ستارة بينك وبين الشمس
وأن غابت الشمس أن ضيها
أمل في الفلق الأبيض اللون
براعم في هدأة ملال السَّحَر
*أيها القلب! انهض من نوم الأحاسيس الهانئ
أيها القلب! انهض من سبات الغفله
الدماء تجرى
وفارس عارٍ
وطفل مكسى بالدماء
واشلاء قطعها الغزاه
ألم تره قطّ كيف يسفك
من قتامة الدماء الليليّة
من قتامة جرح شهداء الفرات
وعارٍ آخر
لم تره قط
الدم لون السراب
أيها القلب انهض من النوم
انظر احتراق الظلال في حاشية الصحراء
إلى ذاك الفارس الغريب
كيف وضع جسده درع بشرى
وأنت تأخذ صدر الغواني دروع
فمرّة ثانية في الفلق عبر الرصاص بلون الماء
ليحي من يموت شهيد
أيها الفارس
نسميك سدرهْ
نسميك علويّة من هبات السماء
وسمتك زهره
وكان الحسين سقها
وكان الشهيد أخاها
غصونك سقف خصيب
بوجهك يستفتح الصبح
قيل سلام عليك وفي الليل قيل الأمان
محرّمة أرضك كل غصن بضلع
فما صعد الطفل يوماً حماها
تؤم العصافير والطير بيتك تزفو
كما همهم الساجد بدعاء
تعلّق في ثوبك النبقُ ريّان
إلاّ الذي تسقط الريح
كانت محرّمة إنْ يد سرقت تجمدُ
وهاهم السارقون على بابك
نجوعُ ونحرم،نبقك دانٍ، ونلمسك الآن
نربّت أعشاشك بالآمنيات
فلا الأمّ من خيفة تهرب
ولا يستغيث الأب
والأمة الكبرى عنك تتخلى
نسميك سدرهْ
نسميك من سماء علويّة
من ذا يهز سريرك في الليل، من ذا يكون..؟
ايها الطفل العراقي تهزه قنابل لايد ام حنون
تشدّ الضفائر تسّاقط النبق
تعرى الغصون
بأوراقك الخضر يكفن شهيدك
أخافُك، أقرب منك ولا أقربُ
كما صدّت النفس عن ثمر المقبرهْ
وأهرب منك، فما لي أطلب من غصنك المغفرهْ
ينام أبوك، وقيل تفر امك في الليل حافية
قيل عارية، قيل إن الهوى كالجنونْ
إذا التفّت الريح يختلط الغصن بالغصن
تمشين واقفة، وتطيرين واقفة
قيل إن أخاها
شهيد، وإنّ أباها انحنى
ما درى ما دهاها
أرى القمر المستفيض يغفّ عليك
فتنبت فيك الطيوف
وأسمع نبقك يسقط والأرض تحتك سفرهْ
كما اطعمت راهبه سكنت في الكهوف
فقيراً لتأكله، صدّ عنها وجاع فمدّ يداً ليد الساحرهْ
يحفّظها الاتي والطيفّ، كان الشهيد أخاها
محجبة يبطأ السائرون ازهارها
محرّمة، والعباءة فارعة الطول
كان التكسّر في الجسم
ينبض مثل الوتر
ومنتصباً كباسق الشجر
كثوبٍ بليل تموّج في الجسم
على وجهها قسمات الألم
في سنابلها الذهبية حسن حنون
يرقّ ويلمع مثل المجون
وفي صوتها رحلة النهر
أو حطّة الطير خاف
فنجّم في غيمة من شجون
ويقرب حتى تراه العيون
إذا قرأت في المآتم قتل طفل عراقي
بكتْ. نزعت شيلة الرأس
ينفتح الصّدر مخضب بالدم
أسمع وهج القلادة، كيف استوت ربوتان
على الصدر كيف ارتوى اللحم بالفقر واللطم
يطلع من ثوبها المأتم كالبرعم
وفي سنّها الذهبية حسن حنون
يطوف على المأتم
أيا امرأة من شجر..؟
دماء الشهداء سترك
يجري على جسمك الماء كالغصن تحت المطر
إذا نظر الطفل نظرته الغافلة..؟
تبخّرت مثل المعابد وسّدتني الزند بالزند
أمدّ يدي للغصون، وأمضغ ألمك مضغاً بمضض
ومضغاً صغيراً، وتنامي
كما نامت الطير في سدرة المنتهى.