قالت قوى 14 آذار التي تمثل الغالبية النيابية اللبنانية الجمعة، إن ما قام به حزب الله في بيروت هو "انقلاب عسكري" وأن شرعية سلاحه "سقطت" بعدما وجهّه الحزب نحو الداخل اللبناني، ودعت الدول العربية وقوى الاعتدال إلى الضغط "بكافة الأشكال" على المعارضة لوقف تحركها المسلح.
وقالت تلك القوى، في اختتام اجتماعها، إن الهدف من سيطرة حزب الله على بيروت هو "إعادة سوريا إلى لبنان وإيصال إيران إلى المتوسط" وأضاف الرئيس التنفيذي للقوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي تلا البيان أن حزب الله "سيكتشف سريعاًً فداحة الخطأ الذي ارتكبه."
بالمقابل، حمّلت إيران كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية الوضع الأمني المتدهور في لبنان، بينما حذر رئيس الجمهورية السابق، أمين الجميل، من احتمال تحرك مجموعات من القاعدة في لبنان بسبب الأوضاع.
وقال جعجع إن حزب الله نفّذ "انقلاباً مسلحاً على الشرعية وميثاق العيش المشترك" في لبنان، وأن بيروت "لم تسقط خلال الاجتياح الإسرائيلي ولن تسقط الآن،" وأضاف أنها تعرضت لـ"اجتياح جحافل من يدعون المقاومة" لن تستلم، وأنها واجهت أسلحة "مرسلة من طهران عبر بوابة دمشق."
وتابع جعجع قائلا: "تحية إلى بيروت الأبية.. سيكتشف الانقلابيون سريعاً فداحة الخطأ الذي ارتكبه، وهذا الانقلاب سيشكل حافزاً لاستكمال النضال،" معتبراً أن خطوة حزب الله موجهة أيضاً نحو القرارات الدولية وأنها "أسقطت القرار 1701 وشرعية سلاح الحزب ومقولة عدم استعماله في الداخل."
وتلا جعجع مقررات الاجتماع، التي منها دعوة الدول العربية وقوى الاعتدال "لتحمل مسؤولياتها" تجاه لبنان، و"الضغط على الانقلابيين بكل الوسائل المتاحة،" ودعوة المجتمع الدولي "للضغط على الدول المجاورة للبنان من أجل وقف تدفق السلاح وزعزعة استقرار لبنان."
وتوجه جعجع إلى الجيش الذي كانت أكثر من جهة ضمن قوى 14 آذار قد أبدت عدم رضاها عن وقوفه على الحياد خلال المعارك فدعا قيادته إلى "الاضطلاع بواجباتها الأساسية في حماية المواطنين والممتلكات حقناً للدماء ولوضع حد للازمة والعنف."
وفي الوقت الذي أحكم حزب الله سيطرته على شوارع وأحياء بيروت الغربية، باستثناء جيوب متمثلة في المناطق التي تقطنها غالبية سنيّة ساحقة أو زعماء كبار في التحالف الحاكم، تداعى أطراف هذا التحالف إلى اجتماع يجري حالياً لأخذ موقف موحد من الأوضاع.
اتهمت وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، حزب الله الذي قالته إنه "مدعوم" من سوريا وإيران بـ"قتل الأبرياء في لبنان، وقالت إنه يقوم بذلك "لحماية الدولة التي أقامها ضمن الدولة،" وأن ممارساته تظهر "استخفافه" بسائر اللبنانيين.
وجاءت مواقف رايس في التقرير المختصر الذي قدمته وزارة الخارجية الأمريكية الجمعة، وقالت إن حزب الله "يقتل ويخرج المدنيين الأبرياء في لبنان كي يحمي دولته.
غير أن التصريح الأبرز جاء على لسان الرئيس اللبناني السابق، أمين الجميل، الذي حذّر من وجود خلايا تابعة لتنظيم القاعدة في لبنان قد تتحرك في هذه الظروف الأمنية، في حين وصف زعيم الحزب التقدمي، وليد جنبلاط، الوضع بأنه "انقلاب."
وقال الجميل، في لقاء مع تلفزيون ANB اللبناني من مكان وجوده حالياً في العاصمة الفرنسية باريس: "ما حدث سوف يفتح الأوضاع على كل الاحتمالات ولا ننسى أن هناك (تنظيم) القاعدة.. لدينا معلومات بقدوم عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي للبنان وتمركزها في المخيمات."
وأبدى الجميل أمله بألا يدخل المسيحيون في الأحداث الجارية، وأن تعود طاولة الحوار للانعقاد، على أن يكون سلاح حزب الله في مقدمة جدول الأعمال."
من جهته، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، أحد أقطاب الأكثرية النيابية اللبنانية في حديث عبر الهاتف لـCNN: "اعتقد أنه انقلاب، الجيش اللبناني يعاني شللاً تاماً."
وتحدث النائب مصباح الأحدب، وهو أحد نواب مدينة طرابلس الشمالية، ثاني أكبر المدن السنية بعد بيروت قائلا: "طرابلس لن تستباح وعلى الجيش أن يأخذ في الاعتبار حماية هذه المدينة".
وتابع الأحدب قائلا: "ما كان يحكى عن ميليشيا سنية تريد أن تضع يدها على لبنان تبين عدم وجودها، إذ أن الميلشيا الفعلية هي التي تهيمن على مقدرات الدولة عنوة بعيدا عن كل المنطق الذي من المفترض أن يكون سائداً."
اضاف " اليوم الشيخ سعد الحريري موجود في (منطقة) قريطم لأنه مطوق كذلك الحال بالنسبة إلى النائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة.. نحن في طرابلس لدينا معلومات عن وجود تحركات معينة فما هو الدور الذي ستقوم به المؤسسة العسكرية حيال هذا الأمر؟ هل ستردعها أم لا؟ هل ستفتح بعض الشوارع وتقفل بعضها الآخر؟"
وبالعودة إلى موقف طهران، الداعم الأساسي لحزب الله، مما يجري في لبنان، قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني إن على الجميع منح الأوضاع في لبنان اهتماماً كبيرا، وأن على اللبنانيين التنبه للمخططات التي تحاط لهم في الخارج على حد تعبيره.
واتهم الحسيني إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف خلف تفجّر الأوضاع في بيروت، معتبراً أن القوى التي "فشلت في حرب الـ33 يوماً تسعى إلى الانتقام،" في إشارة إلى مواجهات صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية أن سفارة دولة الإمارات المتحدة في بيروت، وزعت بيانا أعلنت فيه أنها بدأت بترحيل الرعايا الإماراتيين الموجودين في لبنان، وذلك براً عبر سوريا، وكانت كل من السعودية والكويت قد قام بخطوات مماثلة.
وكانت معظم أحياء بيروت الغربية قد سقطت بأيدي مليشيات حزب الله المسلحة الجمعة، بعد انسحاب عناصر مسلحة من أنصار الحكومة من مواقعها، فيما تبادلت عناصر من الجانبين إغلاق الطرق المؤدية إلى مناطق كل منهما الآخر، في عملية فرز طائفي شرسة، كرد على إغلاق الطريق إلى المطار، بينما تم تعليق العمل في ميناء بيروت.
فقد قالت مصادر أمنية لبنانية ومراقبون عسكريون غربيون إن عناصر حزب الله تمكنوا من فرض سيطرتهم على بيروت الغربية بعد انسحاب عناصر مسلحة من تيار المستقبل، الذي يتبع سعد الحريري، من مواقعهم، إثر معارك غير متكافئة.
وقال مدير مكتب CNN في بيروت إن "التطورات الدراماتيكية" تعد صفعة قوية للحكومة اللبنانية التي تحظى بدعم الدول الغربية.
وتوجه جنود لبنانيون إلى العديد من المكاتب التابعة للأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة في بيروت الغربية، وحثوا المسلحين المؤيدين للحكومة على إخلائها مع اقتراب وتقدم عناصر حزب الله، وكذلك من حركة أمل، الشيعية التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري.
وتأتي سيطرة حزب الله على بيروت الغربية إثر اشتباكات مستمرة منذ ثلاثة أيام، ذهب ضحيتها 11 قتيلاً، فيما أصيب نحو 44 جريحاً، وفقاً لقوات الأمن اللبنانية.
وجاء تجدد القتال إثر توقف قناتي المستقبل والإخبارية عن البث، وكذلك كافة وسائل الإعلام التابعة لتيار المستقبل، وذلك لأسباب أمنية، فيما قالت مصادر أخرى إن إغلاق القناة جاء بعد تهديدات من عناصر حزب الله، وقد أُحرق لاحقاً مبنى قناة المستقبل القديم في منطقة الروشة.
وفي خبر لها من بيروت، قالت قناة العربية إن مسلحي حزب الله يحاصرون مقري رئاسة الحكومة وسعد الحريري في بيروت.
وقال النائب اللبناني عن تيار المستقبل، مصطفى علوش، في تصريح لقناة الجزيرة الفضائية، إن اشتباكات شديدة تدور في بيروت وقرب قريطم.
وقال إن "جحافل حزب الله المظفرة" اجتاحت المناطق، وبخاصة أنه لا توجد قوات منظمة لتيار المستقبل أو الأحزاب الأخرى في لبنان، موضحاً أن هناك سكاناً يدافعون عن أملاكهم وأن عناصر حزب الله "تصرفوا كقطاع طرق واعتدوا على الآمنين."
وكانت الأنباء الواردة الخميس قد أفادت بسقوط أربعة أشخاص قتلوا في الاشتباكات بين الجانبين.
ويبدو أن الأمور آخذة في الاتجاه نحو مزيد من التأزم والتوتر، بحيث باتت بوادر الحرب الأهلية أقرب إلى الاندلاع من أي وقت مضي.
كذلك استولى مسلحون على مقر صحيفة المستقبل التابعة للحريري أيضاً، حيث أشعل مسلحون معارضون لها النيران فيها.
وذكرت التقارير أن إذاعة الشرق هي الأخرى أوقفت بثها.
ونقلت قناة العربية أن مسلحي حركة أمل وحزب الله سيطروا على منطقتي الحمرا والفردان في بيروت، أما قناة الجزيرة الفضائية فذكرت أن قوات الجيش اللبناني انتشرت بكثافة في محيط إقامة وليد جنبلاط في بيروت.
وكانت الأزمة اللبنانية قد دخلت الخميس منعطفاً خطيراً، إثر اندلاع اشتباكات عنيفة بين أنصار المعارضة وفريق الأكثرية في عدة مناطق بالعاصمة بيروت، وذلك بعد قليل من تهديد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بـ"قطع كل يد" تحاول المساس بسلاح المقاومة، معتبراً أن "الحكومة غير الشرعية" بدأت "حرباً" ضد المقاومة، فيما طرح زعيم تيار "المستقبل"، سعد الحريري، مبادرة جديدة لتجنب "الفتنة."
وأكدت مصادر أمنية طبية لبنانية مقتل شخصين على الأقل وإصابة أكثر من ثمانية آخرين، في المواجهات التي اندلعت في أنحاء متفرقة من بيروت، كما سُمع دوي أصوات متقطعة لتبادل إطلاق النار، وأصوات النفجارات، فيما شوهدت قوات الجيش وقد انتشرت في مختلف شوارع العاصمة اللبنانية.
وقال الزميل كال بيري، مراسل CNN في بيروت: "خلال الدقائق القليلة الماضية فقط، وصلت الأمور إلى حالة تزداد سوءاً"، بينما كانت أصوات الانفجارات وإطلاق الرصاص تُغطي على صوته، أثناء متابعة حية للتطورات الجارية في العاصمة اللبنانية.
واندلعت الاشتباكات عند ساحة "سوديكو"، بالقرب مكتب CNN في وسط العاصمة اللبنانية، فيما أفادت تقارير أخرى باندلاع معارك في مناطق "كورنيش المزرعة"، و"بشارة الخوري"، و"رأس النبع" غربي بيروت، بين أنصار المعارضة، التي يقودها حزب الله المدعوم من سوريا وإيران، وفريق الأكثرية الحاكمة المدعوم من الغرب.