أثارت فتاوى موجودة على موقع المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني، تحرم زواج السني من شيعية خوفا من الضلال وصلاة الشيعي وراء إمام سني، انتقادات شددت على ضرورة مراجعتها حفاظا على وحدة المسلمين ضد الطائفية المستشرية.
وأعربت جمعية الحوار الحضاري التي تأسست في لندن في أبريل/نيسان الماضي بمبادرة من الكاتب الإسلامي المعروف أحمد الكاتب ( 55 عاما) وعدد من الكتاب والباحثين العراقيين والعرب، في رسالة مفتوحة وجهتها للسيد علي السيستاني، عن استغرابها لوجود بعض الفتاوى في موقع السيد علي السيستاني في قسم الأسئلة والأجوبة تتعلق بالصلاة خلف أهل السنة، وزواج الشيعية من سني، حيث أوصى السيد السيستاني بالصلاة ظاهريا مع السنة، وأفتى "بعدم جواز الزواج من السني لا دائما ولا متعة للخوف من الضلال"، وذلك جوابا على سؤال فتاة "مستبصرة" عن الزواج المؤقت من رجل سني.
تقول الجمعية التي أسسها إنها تضم "أخوة يؤمنون بالوحدة الإسلامية والرافضين للطائفية" وإنها تدعو للحوار الحضاري بين الأديان والمذاهب، بهدف تأسيس أكاديمية مختلطة (جامعة) تجمع بين السنة والشيعة على مستوى البرامج والأساتذة والطلاب، وتوفر جوا من الحوار الحضاري والنقد البناء، من أجل تذويب الخلافات الطائفية أو ما تبقى منها في العقول والنفوس.
ودعت الجمعية السيد السيستاني إلى مراجعة هذه الفتاوى وتقديم إجابات شافية عن تعريفه لـ"الشيعي" و"السني"، والحد الفاصل بينهما، وعما إذا كان هو حب أهل البيت، وعامة المسلمين يحبونهم ويكنون لهم أسمى آيات المودة والتقدير.. أم هو الإيمان بحق أهل البيت بالحكم؟ وهو أمر لا يستطيع السنة ولا الشيعة تنفيذه اليوم لعدم وجود أئمة من أهل البيت حتى يسلموهم الحكم، ولذلك فقد اتفق السنة والشيعة على إقامة نظام ديموقراطي عادل، كما هو الحال في العراق مثلا.. أم هو الالتزام بفقه أهل البيت؟ وهو لا يختلف كثيرا عن الفقه السني إلا في مسائل معدودات، في حين يختلف الشيعة فيما بينهم في مسائل أكثر مما يختلفون مع غيرهم، على حد تعبير الرسالة.
كما دعت الرسالة السيد السيستاني إلى تعريف الهدى والضلال، وعما إذا كان لديه تعريف خاص غير ما يوجد في القرآن الكريم الذي يصف في بداية سورة البقرة من يؤمن بالله وبالغيب وبرسله واليوم الآخر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة بأنه من المفلحين "أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون"، وعما إذا كان يعتقد أن الإيمان بولاية أهل البيت شرط الهداية والفلاح؟ وأن من لا يؤمن بها من الضالين؟
وطالبت رسالة الجمعية السيد السيستاني بتوضيح ماهي الأسس التي بنى حكمه عليها بعدم جواز زواج الشيعية من السني، وقد جعل الإسلام الإيمان أساس التكافؤ في الزواج وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وعما إذا كان يحكم ببطلان زواج الشيعيات من أهل السنة ووجوب طلاقهم؟ وكيف يمكن للسني أن "يهتدي" ويحافظ على زواجه من الشيعية؟ وماذا يجب أن يقول أو يعمل أو يعتقد؟".
واعتبرت جمعية الحوار الحضاري أن "إطلاق وصف "الضلال" على المخالفين من الفرق الإسلامية والشيعية المختلفة، يشكل مقدمة للقطيعة معهم وإقصائهم وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية والإسلامية الأولية، كما يشكل قاعدة فكرية للتقسيم الطائفي البغيض الذي تعملون من أجل محاربته والقضاء عليه. في حين أن الاعتراف بالآخر واحترام وجهة نظره في القضايا التي تقولون إنها جزئية وهامشية وبسيطة، وتخفيف مستوى الاختلاف الى مستوى الاجتهاد الظني الذي لا يصل الى درجة الحق والباطل أو الهدى والضلال، أو الكفر والإيمان، يشكل أساسا متينا لبناء وحدة إسلامية حقيقية، نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى".
وأشارت رسالة الجمعية إلى أن الصلاة المشتركة والزواج المختلط مما يقوي الوحدة بين المسلمين.
وقالت: "إن الصلاة المشتركة بين السنة والشيعة، والمفعمة بروح الإيمان والمحبة والصدق والإخلاص، ضرورية جدا لتوحيد المسلمين، كما الزواج المختلط بين السنة والشيعة يشكل عاملا مهما في مقاومة الفتنة الطائفية وإفشالها. وإذا كانت الفتنة الطائفية التي ضربت العراق في السنوات الماضية، قد أثرت سلبا على الزيجات المختلطة، مع الأسف الشديد، فإن دعاة الوحدة الإسلامية والوطنية يصرون اليوم على إشاعة الزواج المختلط وتشجيع الشباب من الفريقين عليه، وكسر الحواجز النفسية بين أبناء الشعب الواحد. ويأملون من سماحتكم تشجيع مقلديكم على ذلك وإصدار فتوى خاصة به. ونأمل أن تكون الفتوى المضادة المحرمة لزواج الشيعية من السني من الفتاوى القديمة التي صرفتم النظر عنها الآن، وأن تعيدوا النظر فيها، أو تبادروا إلى حذفها من موقعكم على شبكة الإنترنت. كما نأمل أن تقوموا بمراجعة بقية الفتاوى التي تفرق بين المسلمين، والتي تخالف توجهكم السياسي الإيجابي الداعي لوحدة المسلمين، مثل موضوع الصلاة جماعة خلف أهل السنة".
وأحمد الكاتب هو عبدالرسول عبدالزهرة عبدالأمير اللاري من مواليد كربلاء عام 1953، درس في الحوزة العلمية في كربلاء بين عامي 1967-1973، ثم انتقل إلى الكويت حيث عمل مدرساً هناك لينتقل بعده إلى طهران بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979. وعمل رئيساً لتحرير القسم العربي في الإذاعة الإيرانية عام 1979، ثم عمل بعدها أستاذاً للفقه والأصول في حوزة القائم في طهران حتى عام 1991، حيث انتقل إلى لندن، وصدر له خمسة عشر كتاباً في الفكر الشيعي