أصدرت إدارة الشؤون الدينية في تركيا فتوى أثارت الكثير من الجدل مفادها أن حكم المغازلة في الإسلام هو أنها تمثل خطيئة مرفوضة شأنها في ذلك شأن الزنا وممارسة الدعارة، ولعل مكمن المفارقة والجدل الذي أثارته هذه الفتوى هو أنها لم تصدر من جانب رجل دين بل من هيئة دينية سنية، ولكن يفترض منها في الوقت ذاته أن تكون بمثابة ضامن للنظام العلماني القائم في تلك الدولة.
وجاء في نص هذه الفتوى أيضا أنه "ينبغي للنساء عدم إظهار مفاتنهن بل تغطية أجسامهن بشكل محكم قبل مغادرتهن لبيوتهن" وهى العبارة التي اعتبرت بمثابة دعوة مباشرة للسيدات كي يرتدين الحجاب، ويرى الكثير من المراقبين أن سبب المشكلة هو أن مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة الحديثة في تركيا كان قد أراد تأسيس هيئة الشؤون الدينية كي تكون بمثابة ضامن أساسي لمبدأ العلمانية في تركيا، غير أن الأتراك بدأوا الآن يتساءلون فيما بينهم وبين أنفسهم عن المغزى الحقيقي من وراء هذه الفتوى الصريحة التي جاءت قبل أيام قلائل فقط من الحكم الذي ستصدره المحكمة الدستورية في الدعوى القضائية المقامة من حزب الشعب الجمهوري وهو حزب معارض ذي توجهات يسارية علمانية ضد قرار حزب العدالة والتنمية الحاكم في فبراير الماضي بإلغاء الحظر الذي كان مفروضا على ارتداء الحجاب داخل الجامعات، غير أن الشيء المؤكد هو أن فتوى هيئة الشؤون الدينية ستزيد من حدة الجدل المحتدم بالفعل في تركيا بين الإسلاميين من ناحية والعلمانيين من ناحية أخرى والذين تساورهم مخاوف عميقة من احتمال أن يتحول المجتمع التركي مع مضى الوقت إلى ما يشبه الوضع القائم في إيران