ابتعدوا عن القسوة وادخلوا في الرقة حباً بالله
إن أكثر ما يؤذي المجتمعات ويؤذي الكرامة الإنسانية ويؤذي التعايش السلمي والتآخي الإجتماعي والتحابب الإنساني هو وجود القسوة في النفوس وفي أساليب التعامل بين الفئات أو بين الجهات السياسية أو بين أفراد العائلة أو بين العشائر أو بين الناس عموماً ، والقسوة تنتج من ضعف الحب لله ، لأن الحب كلما إزداد في قلب الإنسان لله الحبيب إزدادت الرقة في قلب الإنسان ، ولذلك فإن منهج الحب الإلهي يعمل بشكل واضح على إزالة مظاهر القسوة من المجتمع وإزالة القسوة من القلوب ، وفي كلا الإتجاهين نحتاج الى عمل ثقافي كبير وعمل عاطفي كبير وذكر لله جميل وكثير ، ونحتاج الى مواقف تُثبّت منهج الرقة في المجتمع وتُبعد المجتمع عن القسوة التي تؤدي الى مصائب كبيرة منها :
أولاً .. إنها تجعل الإنسان ينفر من ذكر الله الطاهر ، وهو بهذا الحال إما يبتعد عن ذكر الله إبتعاداً كاملاً أو يبتعد عن الذكر الطاهر ويلتزم ذكراً مشوهاً لله يشوه دين الله .
ثانياً .. إنها تجعل الإنسان قريباً جداً من الكراهية والأحقاد والرغبة في الإنتقام والثأر لأن قسوة القلب تؤدي الى غياب المحبة في النفس وغياب التسامح من النفس .
ثالثاً .. إن القسوة تجعل الإنسان قريباً من منهج العنف ، فإما يلجأ هو الى العنف في كل مشاكله أو أنه يبرر سلوك من يلجأون الى العنف ويهدرون الدماء ويظلمون الناس .
رابعاً .. والقسوة تؤدي الى منهج الإمتهان لكرامة الإنسان ، وتؤدي الى الوقوع في أساليب التخويف للناس والإستقواء عليهم والتعذيب للمخالفين ، وكل ذلك سيء أمام الله.
خامساً .. والقسوة تؤدي الى تعرّض المجتمع للنزاعات الكثيرة وللانشقاق ، فالطائفية من مظاهر القسوة ، والصراعات الحزبية المتشنجة والمتعصبة هي من مظاهر القسوة .
سادساً .. القسوة تؤدي الى سهولة التهجم على الآخرين وسهولة الإتهام للمخالفين وتشويه السمعة لهم ، وسهولة القبول للإشاعات وإبتعاد الإنسان عن الإنصاف .
سابعاً .. والقسوة تؤدي الى إبتعاد المجتمع عن إسلوب الحوار وأساليب التفاهم ، وأسلوب التنازل المتبادل بينهم ، وإبتعاد المجتمع عن القيم الإنسانية .
ثامناً .. القسوة تؤدي الى تبرير تعرّض الناس الأبرياء الى الأضرار الكبيرة ، وتبرير الإبتزاز والتهديد للآخرين ، وكثرة العداوات في المجتمع .
الآن علينا أن نعمل من أجل نشر أخلاق الرقة في المجتمع بدل أخلاق القسوة ، وهذه مهمة كبيرة تحتاج الى أمور أساسية منها :
أولاً .. حب الله ، فلا يُمكن لضمير الإنسان أن يخرج من القسوة ويدخل في الرقة الحقيقية إلا بحب الله ، وأي تدين لا يعيش في أجواء الحب لله وأجواء الحب لرحمة الله ، وأجواء الحب لحنان الله فإنه لن يستطيع أن يبني مجتمعاً رقيقاً بعيداً عن القسوة .
ثانياً .. معرفة أن الله يُحب الرقة في الإنسان ، فهو سبحانه يريد أن يكون الإنسان ممتلئاً بالرحمة وبالعطف وبالحنان ومحباً للخير والإحسان ومدارياً للناس وتنزل دموعه في ذكر الله ويبتهج في القرب من الله ويفرح لكل خير يُصيب الآخرين .
ثالثاً .. ومن أجل بناء مجتمع رقيق يجب أن يكون المنهج السياسي في المجتمع لكل الجهات التي في السلطة أو خارجها منهجاً رقيقاً يتعامل بالرحمة ويبتعد عن العداء والأحقاد بأقصى ما يُمكن ويتجنب الإضرار بالأبرياء ولا يستخدم أساليب التهديد والتهجم.
رابعاً .. ومن أجل أن يكون المجتمع رقيقاً في قلبه فيجب أن تكون الرعاية في المجتمع متصاعدة إتجاه أولئك المحتاجين من المتضررين في المجتمع ومن الجرحى ومن الأرامل ومن اليتامى ومن المهجرين ومن المحرومين الذين يعيشون في فقر شديد .
خامساً .. ولكي تنتشر الرقة في المجتمع يجب أن تكون لدى الجميع أخلاق التسامح التي فيها يكون الصمود على المحبة وعلى النوايا الطيبة إتجاه أي إستفزاز ، وفيها يكون الإنسان بعيداً عن التعصب والتحزب ويتمنى الخير لكل أبناء مجتمعه بل لكل الناس .
سادساً .. وكي تبنى الرقة في المجتمع فلابد من إتخاذ موقف واضح ضد منهج العنف ، لأنه النقيض الحقيقي لمنهج الرقة ، ولأنه المُنتج الحقيقي للقسوة في القلوب ، فكل من يؤمن بالعنف فإن قلبه سوف يقسو يوماً بعد يوم ويصبح أقسى على الناس .
سابعاً .. ولكي تُبنى الرقة في المجتمع يجب أن نفهم أن الرقة لا تعني الخنوع ولا تعني الإستسلام ، ولا تعني الخوف بل هي تكون مرافقة للشجاعة ومرافقة للثورة الإصلاحية ، ومرافقة للتغيير والحرية ، ولا يُمكن أن تبنى الرقة بدون ثورة من أجل المبادئ الإلهية.
أيها الأحبة يا أبناء المجتمع العراقي إن مجتمعكم مجتمعٌ طيب وهو محب للرقة ومنهجها ، وهو لا يُحب القسوة ، إلا أن هذا المجتمع عاش في أزمان غفلة وكان الحب الإلهي فيه ضعيف فتمكنت القسوة منه وأدخلته في منطق خاطئ ، واليوم آن الأوان لنصحح المسيرة ، وليدخل المجتمع كله في رقة كبيرة أكبر حتى من التي كانت موجودة فيه قبل عشرات السنين لأنها رقة مبنية على رقة مع الله ومع ذكر الله ومؤسسة على حب الله ومنتفضة على القسوة وما أنتجته من نتاجات رأيناها جميعاً فقفوا أيها الأحبة مع الرقة .
والحمد لله رب العالمين